t
عماد بدوزة

مراجعة مسلسل La casa de papel.. عندما يُبدِع الإسبان، لكن!

مراجعة مسلسل La casa de papel؛ عندما يُبدِع الإسبان، لكن!

 من النادر والغريب جدا أن تجد مثل هذه الأعمال التلفزية الفنية ذات الإنتاج الضخم لها شهرة واسعة جدا في العالم العربي أكثر من المجتمعات الغربية، خصوصا من البلد الذي جاء منه العمل. مسلسل La casa de papel عُرض للمرة الأولى في إسبانيا يوم الثاني من مايو/أيار السنة الماضية ولم يخلق ضجة هستيرية كالتي خلقها بعض المتابعين من بعض دول العالم العربي. وعندما أثار انتباهي هذا الأمر، لم أرِد أن أُعير انتباها له لأن برنامجي لمشاهدة المسلسلات ممتلئ وإن أضفت واحدا آخر سأغرق في بحر من القصص.

Advertisements

لكن، بسبب إصرار مجموعة من الأصدقاء على ضرورة مشاهدة المسلسل بحجة أنه أفضل مسلسل إسباني! آخرون قالوا عنه أفضل مسلسل أُنجِز في التاريخ! هنا كان لا بد أن أشاهده وكنت عازما قبل بدايته على تحطيمه عندما سأكتب عليه، ليس لأني أكره الأعمال القادمة من بلاد الأندلس، سابقا، بل بسبب الفقر في مشاهدة المسلسلات الفنية عند هؤلاء الذين يصفونه بأفضل مسلسل في التاريخ. لكن على أية حال، وعدت نفسي بأن أكون معه موضوعي قدر الإمكان.

إذا، هل La casa de papel يعتبر أفضل مسلسل على الإطلاق؟ أم مجرد عمل تلفزي جيد، سيمر عليه الوقت فيصبح غير مثير للاهتمام مثله مثل باقي المسلسلات العادية؟ للإجابة على هذا السؤال سأُفصّل الجوانب التي أعجبتني والأخرى التي كانت لا بأس بها وضيعت عليه الفرصة.

قبل ذلك، تدور قصة المسلسل حول قيام مجموعة من اللصوص المتمرسين بالهجوم على المصنع الوطني الإسباني لطبع العملات النقدية، حيث سيقومون بأكبر وأخطر عملية سطو في تاريخ إسبانيا ومحاولة الفرار بما مجموعه ألفين و400 مليون يورو.

أول شيء أثار اهتمامي وأعجبني جدا هو أداء الممثلين، الشخصيات التي قدموها كانت تسرق الانتباه في كل مشهد، خصوصا تلك الموجودة داخل المصنع الوطني والتي قامت بعملية السطو، حيث أن كل واحدة منهم تتميز بكاريزما جذابة، وهذا راجع للكتابة الجيدة في وصفها في السيناريو، إلا أن الفضل الأكبر راجع لاحترافية الممثلين، رغم أن شهرتهم لا تتعدى اسبانيا على ما أظن، وهذا مؤسف.

مراجعة مسلسل La casa de papel؛ عندما يُبدِع الإسبان، لكن!
La casa de papel (aka Money Heist) © Vancouver Media/Netflix

Advertisements

ثاني شيء أبدع فيه المسلسل هو قدرته على خلق إثارة وحبكة متماسكة بفضل الإخراج الذي يبدو وكأنه من طرف محنكين قادمين من هوليوود. خمسة مخرجين إسبان (Jesús Colmenar, Alex Rodrigo, Alejandro Bazzano, Miguel Ángel Vivas, Javier Quintas) كانوا وراء تحويل السيناريو لمسلسل يُعتبر من أفضل الأعمال التلفزية التي قدمتها إسبانيا، لكن ليس أفضل مسلسل على الإطلاق أو أفضل عمل فني إسباني! بالله عليكم، من له الجرأة على قول مثل هذا الكلام؟

أنظر أيضا: أفضل 10 مسلسلات في سنة 2017

العديد من المسلسلات تتفوق على La casa de papel سواء قديمة أو جديدة وإن كنت تعتقد العكس، فإما أنك لازلت مبتدئ في متابعة المسلسلات أو أنك سهل الانصياع، أو كما يقول مثل مغربي "الريح لي جا يديك". حتى في قائمة أفضل مسلسلات سنة 2017 وضعناه في المرتبة السابعة وتفوقت عليه العديد من الأعمال التلفزية البريطانية والألمانية، وحتى أن السلسلة الوثائقية Blue Planet II وضعناها في مرتبة متقدمة عليه! مما سيقودنا إلى بعض الجوانب التي كانت في رأينا سلبية إلى حد ما.

سأبدأ بشخصية العقل المدبر لعملية السطو أو ما يسمى بالبروفيسور، لن أقول أن أدائه كان سيئا، لكن (في نظري) شخصيته كانت الأقل جاذبية وكان ممل نوعا. ربما ستنتقد قولي هذا وتقول العكس لكن ما لا تدري هو أن كل ما يقوم به مكتوب على الورق، كل ما يقوم به هو ما تصف شخصيته من السيناريو، حيث أنه لم يترك ذلك الطابع الأبدي في عقلية المشاهد، عكس الشخصيات الأخرى، مثل برلين، نيروبي، دينفر، طوكيو...

مما سيقودنا إلى مقارنة شخصية هذا البروفيسور بشخصية أخرى في مسلسل آخر محفورة في عقل المشاهد للأبد، هل استحضرت هذا المسلسل الذي أُلمِح إليه؟ نعم إنه Breaking Bad ونتكلم عن شخصية أستاذ مادة الكيمياء والتر وايت أو ما يسمى بالهايزنبرغ. ألم تُلاحظ أن هناك تشابه بينهما؟ لا، ليس تشابه بينهما، بل محاولة إستلهام أو نسخ أو... (سميها كما شئت) لشخصية Breaking Bad. هناك العديد من سيُخالفوني الرأي هنا، لكن هذا أول شيء خطر على بالي عندما تعرفت أكثر على شخصية البروفيسور في هذا المسلسل.

سنذهب لشيء آخر لم يعجبني أيضا، وأتكلم عن تسلسل الأحداث التي أصبحت في بعض الأحيان يُوسّع فيها ويُوسّع... إلى أن أصبحت بعض الحلقات ابتداءا من منتصف المسلسل إلى حدود النهاية مملة نوعا ما، لا أعرف لماذا قاموا بهذا الأمر، ربما من أجل الزيادة في عدد الحلقات... لكن كان سيكون أفضل لو أنهم حصروا الموسم الأول والثاني في عشرة حلقات فقط.

Advertisements

ننتقل إلى السيناريو وسأذكر مثل إنجليزي يقول "It's too good to be true"، بمعنى أنه في بعض الأحيان عندما يقع ذلك البروفيسور في مأزق ما وسيكون الأمر على وشك فضح سره، يخرج بحيلة ما وينجح فيها! كل مرة يخرج بحيلة ما وينجح فيها...! بالنسبة للبعض هذا أمر رائع في القصة، لكن بالنسبة للبعض الآخر هذا يسمى بالمبالغة، لأن ذلك مخالف لقواعد الطبيعة، لا تصب الأمور دائما في صالحنا.

على أي حال، يبقى هذا عمل درامي وليس عمل واقعي، وأن تصُبّ الأمور في صالح أبطال القصة هو طبيعة السينما والمسلسلات، حتى أن أشهر الأعمال التلفزية نجد فيها هذه الأمور، مسلسل Breaking Bad على سبيل المثال يُعتبر الأب الروحي لهذه الأمور.

سأُنهي بشيء أخير؛ الموسيقى التصويرية! نعم كانت رائعة وممتازة ومن أجمل جوانب المسلسل، لكن هناك مقطع في نهاية الحلقة الأولى من الموسم الثاني تم نسخه من فيلم أمريكي وتعديل قليلا عليه وتم لصقه! الفيلم هو Interstellar للمخرج كريستوفر نولان، والمقطع اسمه Tick-Tock من إنجاز المؤلف هانز زيمر، والمشهد بالظبط من المسلسل هو عندما قام "برلين" برمي "طوكيو" إلى خارج المصنع في اتجاه الشرطة. حاول أن تُعيد المشهد واسمع جيدا للموسيقى، ثم قم بالسماع للمقطع Tick-Tock خصوصا عند منتصفه.

أعلم أن هذه الأمور لا تستوجب كل هذه المتابعة التدقيقية، ربما منتج أو مخرج المسلسل هو من عشاق الفيلم وموسيقاه التصويرية وأراد أن يترك طابعا منها في سلسلته، لكن عندما وصلت لذلك المشهد وبدأت الموسيقى، بسرعة تذكرت فيلم Interstellar وفقدت ذلك الإحساس التأثيري الذي كان يهدفه إليه مشهد المسلسل. دائما هناك فرق كبير بين نقل أعمال الآخرين وبين إنجاز شيء فريد يُميز لمستك.

Advertisements

على العموم، يبقى مسلسل La casa de papel عمل تلفزي يستحق التقدير على المستوى الفني الذي قدمه، وإدراجه منا ضمن قائمة أفضل مسلسلات السنة الماضية كان أكفئ ما يمكن أن يحصل عليه. وإن لم تكن قد شاهدته بعد، اعطيه فرصة فالعمل يستحق وستعيش تجربة جديدة ذات جودة فنية عالية ستكون مناسبة لاستكشاف أعمال أخرى مختلفة عما اعتدنا عليه في الإنتاجات الأمريكية. كما تجدر الإشارة إلى أن اسبانيا مليئة بالمواهب في هذا المجال، شاهد على سبيل المثال فيلم الرعب [Rec]، فيلم الخيال العلمي Los cronocrímenes، فيلم الجريمة The Invisible Guest، فيلم الكوميديا Wild Tales... هذه الأعمال تُعتبر من بين أفضل ما قدمه الإسبان.

تقييمنا للمسلسل: 7,5/10

أنظر أيضا:  مراجعة الموسم الثالث La Casa de Papel.. بعد أن أصبح القناع رمزاً البروفيسور يضرب ضربته الثانية
10
أضف تعليق... send
comment url
  • Unknown
    Unknown 27 فبراير 2018 في 8:04:00 ص غرينتش

    هو الافضل رغما عن انف الحاقدين و المشككين يا لي طايح خبير ربي يبارك ...شكرا

  • غير معرف
    غير معرف 1 مارس 2018 في 5:39:00 م غرينتش

    لقد حدث لي إكتئاب بعد موت برلين......
    هذا المسلسل عبقرية من نوع جديد. أنا مدمن على كل لقطة فيه
    أنا لست بخير. هنالك شيء تغير داخلي
    جديا ؟ هل أنت مخرج من الأساس او كاتب أو مؤلف لتحكم عليه من الأساس ؟

  • غير معرف
    غير معرف 5 مارس 2018 في 12:11:00 ص غرينتش

    المسلسل خورافي ويعتبر افضل مسلسل في عام 2017 وبالنسبة لي افضل مسلسل شفته بحياتي كل حلقة افضل من الثانية!!
    واحلا مافيه ماطولو في القصة بدا قوي وانتهى قوي.
    اخيس شي انهم موتو برلين احس ماكان لها داعي ولكن يظل خرافي وابدعو الاسبان فيه واتوقع انه بيفتح الانتاج ومنصة قوية للمسلسلات الاسبانية للعالم كله.

  • محمد زيداني
    محمد زيداني 20 مارس 2018 في 6:30:00 ص غرينتش

    المسلسل مشوق وجيد ولكن لا يرقى للأفضل في التاريخ, واضح أنكم لم تشاهدو Breaking Bad.

  • غير معرف
    غير معرف 29 مارس 2018 في 1:00:00 م غرينتش+1

    اولا اشكرك على حديثك عن احد اهم اعمال العام الماضي
    بالنسبة للمسلسل فهو مسلسل مميز جدا لااحد يقلل منه
    انا شاهدت بريكينج باد وشاهدته وغيرهم الكثير
    اكيد بريكينج باد كمسلسل افضل ومتكامل اكثر
    لكن حتى لا كاسا مسلسل بطل وعمل هائل
    كاكتابه واخراج وموسيقى تصويرية وتمثيل فهو مسلسل دخل قائمة افضل 10 مسلسلات تابعتها
    لكن مايجي ضمن افضل 5 :)
    عالعموم ننتظر الاجمل من الاسبان فهم في تططور عالي جدا بالنسبة للافلام وحاليا انتجوا مسلسل عالي الجودة

  • SimoClick
    SimoClick 14 أبريل 2018 في 12:03:00 ص غرينتش+1

    مسلسل خرافي بالنسبة لي ادا كان ما عجبك انت بلا متحكم على ناس بانهم لا يعفرون شى بمجرد اختلافهم معك على روعة فلم كل واحد ورايه وكل واحد دوقه

  • غير معرف
    غير معرف 9 مايو 2018 في 1:24:00 م غرينتش+1

    لم اجد المسلسل مترجم بالعربية /في اي موقع اجده مترجم بالعربية اشاهده بالفرنسية راااااائع ولكن بالترجمة احسن فيدوني الله يفتح عليكم

    رد على التعليق
    • Sadah Obaid
      Sadah Obaid 9 مايو 2018 في 1:24:00 م غرينتش+1

      جرب موقع :
      egybest

    • Sadah Obaid
      Sadah Obaid 9 مايو 2018 في 1:24:00 م غرينتش+1

      جرب موقع :
      egybest

  • Unknown
    Unknown 20 يوليو 2019 في 5:27:00 ص غرينتش+1

    تعليقك نصفه ذهب لتهميش واستنقاص آراء الآخرين.. عموما المسلسل نجح على مستوى التمثيل والإخراج والمونتاج وحتى المشاهدة ، وبالنسبة لرأيك لايتعد حدود المشاهد العادي فهو ليس رأي مخرج أو ممثل مخضرم

أفلام ومسلسلات ذات صلة