t
Mahmoud Hussien

مستقبل السينما.. هل يغير فيروس كورونا قواعد الصناعة السينمائية؟

© DreamWorks Animation/Disney+/iTunes/Netflix. All Rights Reserved.

 تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد في إصابة العديد من الأسواق الصناعية والتجارية بحالة من الارتباك وكبدت العاملين بها خسائر فادحة، ويأتي سوق صناعة السينما -والمجالات الترفيهية بشكل عام- في مرتبة متقدمة بين المجالات الأكثر تضرراً جراء تفشي هذا الوباء، فمنذ الأسابيع الأولى بدأت دور العرض السينمائية في إغلاق أبوابها أمام الجمهور كما اضطرت استوديوهات الإنتاج وشبكات التلفزيون العالمية لتعليق العمل على مشاريعهم الفنية سواء الجاري تنفيذها أو التي كان يتم الإعداد لها.


أثَر فيروس كورونا على صناعة السينما لم يعد يقتصر على حجم الخسائر المادية التي ترتبت عليه، بل أن امتداد الأزمة لفترة أطول من المتوقع دفعت القائمين على مجال صناعة الترفيه للبحث عن بدائل وأحياناً أرغمتهم عليها، لكن في المُجمل لا يمكن إنكار أن فيروس كورونا أدى إلى إحداث تغيرات مؤقتة على الساحة السينمائية من المُحتمل أن تصبح تحولات دائمة خلال سنوات قليلة.

Advertisements

التأجير عبر الإنترنت بديلاً لدور العرض

التأجير-عبر-الإنترنت-بديلاً-لدور-العرض-فيلم-Trolls-World-Tour-2020
Trolls World Tour © 2020 DreamWorks Animation. All Rights Reserved.

طالما نظرت استوديوهات الإنتاج الكبرى إلى شباك التذاكر باعتباره المصدر الأساسي لعائدات الأفلام وقد كان ذلك هو السبب الرئيسي وراء إيقاف العديد من أفلام الثلث الأول من عام 2020 مثل أحدث أفلام جيمس بوند No Time to Die والنسخة الحيّة من فيلم Mulan وكذا فيلم Black Widow، حيث رأى الموزعون أن تلك الأفلام -ذات الميزانية الضخمة- مهددة بالفشل في تحقيق الأرباح المتوقعة منها بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا واتجاه العديد من الدول لإغلاق دور العرض السينمائية، وقد كانت تخوفاتهم في محلها إذ أن في غضون أسابيع قليلة تم تجميد الأنشطة الترفيهية في مختلف دول العالم كإجراء احترازي.

أقدمت شركة يونيفيرسال الموزعة لفيلم الرسوم المتحركة Trolls World Tour على خطوة جريئة وغير مسبوقة، إذ قررت في ظل الأزمة الراهنة أن تطرح الفيلم للإيجار عبر الإنترنت، بمعنى أنها تجعل الفيلم مُتاح للمشاهدة للمستخدم لمدة 48 ساعة مقابل 20 دولار أمريكي، والمفاجأة التي فاقت كل التوقعات هي أن العائدات التي حققها فيلم Trolls World Tour من خلال إيجارات الإنترنت تعدت 95 مليون دولار أمريكي بأقل من 20 يوماً.

نجاح تجربة عرض Trolls World Tour عبر الإنترنت يؤكد أنها لن تكون الأخيرة، وقد نشاهد بالمستقبل غير البعيد مجموعة أفلام يتم إنتاجها خصيصاً لتعرض عن طريق الإيجار عبر الإنترنت حتى بعد عودة دور العرض، وذلك لسبب بسيط وهو أن تلك الوسيلة تحقق أرباحاً أكبر للشركة المنتجة والموزعة حيث لم تُقتطع منها النسبة الخاصة بدور العرض السينمائي والتي تقدر بنحو 30 إلى 45 في المائة تقريباً من قيمة التذاكر المُباعة، مما يعني أن ذلك الأمر قد يتسبب في تغيير -أو بالأحرى تطوير- آليات عرض الأفلام إلى الأبد.

Advertisements

المنصات الرقمية أكثر انتظاماً وأقل تضرراً

المنصات-الرقمية-أكثر-انتظاماً-وأقل-تضرراً
Birds of Prey © 2020 DC/Warner Bros. Entertainment. All Rights Reserved.

تحولت المنصات الرقمية -مثل شبكة نتفليكس وشبكة أمازون برايم فيديو وغيرهما- خلال الفترة السابقة إلى مكون رئيسي بمنظومة صناعة الترفيه، لكن أزمة فيروس كورونا قد أثبتت بصورة قاطعة أن تلك المنصات الرقمية أكثر قدرة على الصمود في مواجهة التغيرات الطارئة والأحداث غير المتوقعة مقارنة بأنماط العرض الأخرى وبالأخص العرض السينمائي الذي أصيب جدوله بحالة من التخبط الشديد مع الأيام الأولى لتفشي الفيروس في بعض الدول، وقد أثرت تلك الحالة فعلياً على مستوى أداء عدد من الأفلام التي كانت معروضة آنذاك مثل فيلم Birds of Prey المُنتمي لعالم DC.

اضطرت المنصات الرقمية مثل كافة استوديوهات الإنتاج الأخرى إلى تعليق العمل على المشاريع الفنية الخاصة بها، لكن الجدول الزمني الخاص بطرح المشاريع المنتهية عبر الإنترنت لم يتأثر في شيء، وبالتالي فإنها استمرت في تحقيق أرباحها وفق الخطة التسويقية الموضوعة مُسبقاً، هذا الأمر قد يضع تلك المنصات ضمن قائمة أولويات استوديوهات الإنتاج الكبرى في الفترة المقبلة خاصة أن شعبيتها قد تضاعفت بالسنوات القليلة الماضية.

Advertisements

المنصات الرقمية.. الملاذ الأخير

المنصات-الرقمية..-الملاذ-الأخير
Extraction © 2020 Netflix. All Rights Reserved.

كان عام 2019 بكل تأكيد هو عام التميُز بالنسبة لمنصات تقديم المحتوى الترفيهي عبر الإنترنت وفي مقدمتها شبكة نتفليكس، حيث أن العديد من الأعمال التي صُنفت ضمن أفضل أعمال السنة كانت من إنتاجاتها الأصلية وفي مقدمتها فيلم The Irishman للمخرج مارتن سكورسيزي وبطولة آل باتشينو و روبرت دي نيرو، كذلك فيلم Mirage Story وأيضاً فيلم The Two Popes والثلاثة كان لهم نصيب وافر من ترشيحات الأوسكار، والأمر نفسه ينطبق على المسلسلات حيث كانت مسلسلات نتفليكس وديزيني بلس هي الأشهر والأفضل بالعامين الماضيين.

ساهم إغلاق دور العرض وعدم طرح الأفلام الجديدة في تسليط الضوء بصورة أكبر على المنصات الرقمية التي لا تزال تحقق نجاحاً مُبهراً، وقد طرحت نتفليكس قبل أسابيع قليلة فيلم الحركة والإثارة Extraction من بطولة نجم عالم مارفل كريس هيمسورث، ويمكن القول بأن تلك المنصات باتت محط أنظار كبار صُنّاع السينما في هوليوود بل أنها قد تكون ملاذهم الأخير في ظل حالة الاضطراب والتخبط المتوقعة عقب زوال أزمة كورونا بسبب تضارب مواعيد العرض وكثرة المشاريع المؤجلة.


يبدو أن تلك المنصات سوف تلعب دوراً أكبر في دائرة الإنتاج السينمائي خلال السنوات المُقبلة، فقد أفادت بعض التقارير الصحفية بالفترة الماضية عن اتجاه المخرج مارتن سكورسيزي للتفاوض مع نتفليكس للمشاركة في تمويل مشروعه القادم فيلم Killers of the Flower Moon الذي يقوم ببطولته ليوناردو دي كابريو وروبرت دي نيرو، وهو بذلك يعيد سيناريو فيلم The Irishman حيث تدخلت شبكة نتفليكس لإنقاذه بعدما كان مُهدداً بالإلغاء بسبب ما واجهه من عراقيل إنتاجية.
Advertisements

قواعد المنافسة على الجوائز العالمية

قواعد-المنافسة-على-الجوائز-العالمية

أعلنت أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة المانحة لجوائز الأوسكار مؤخراً عن تعديل الشروط الواجب توافرها في الأفلام كي تتأهل للترشح إلى جوائز الأوسكار، وبالأخص الشرط الخاص بالعرض السينمائي التجاري لمدة أسبوع كامل على الأقل بإحدى دور العرض في مقاطعة لوس أنجلوس الأمريكية، والسر وراء ذلك هو الحرص على إتاحة الفرصة لأكبر عدد من السينمائيين للمنافسة على أرفع الجوائز السينمائية في ظل الأوضاع الراهنة التي تمنعهم من استيفاء الشروط المعتادة بسبب إغلاق دور العرض.


أكدت الأكاديمية مراراً وتكراراً على أن هذه التعديلات ليست دائمة ولكن على الرغم من ذلك تسبب ذلك القرار في إثارة موجة جديدة من الجدل حول أحقية الأفلام المخصصة للعرض الرقمي في المنافسة على الجوائز السينمائية، خاصة أن العديد من الأفلام التي قُدمت عبر المنصات الرقمية بالسنوات الأخيرة -والتي أشرنا إلى بعضها سابقاً- كانت على درجة عالية من الجودة والإتقان، وبالتالي رأى الكثيرين عدم جواز حرمانها من الترشح للجوائز فقط لاختلاف وسيلة العرض.

لا تزال الأكاديمية مُتمسكة برأيها حتى اليوم وأكدت بأكثر من موضع أن شروط قبول الأفلام سوف تعود لما كانت عليه فور انتهاء أزمة فيروس كورونا وعودة الحياة لطبيعتها، بينما رأى بعض النقاد والمحللين أن تلك الخطوة -وإن كانت مؤقتة- فإنها تصب في صالح الأفلام الحصرية على منصات تقديم المحتوى الترفيهي عبر الإنترنت، وتوقع بعضهم رضوخ الأكاديمية للأمر الواقع في المستقبل والتغاضي عن شرط العرض التجاري بشكل نهائي.

أضف تعليق... send
comment url

أفلام ومسلسلات ذات صلة