آخر عمل سينمائي لأسطورة التمثيل دانيال داي لويس Daniel Day-Lewis تدور قصته في لندن خلال سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، حيث يلعب دور شخصية مصمم وخياط ملابس شهير اسمه رينولدز وودكوك Reynolds Woodcock يتميز بأسلوب حياة جد حساس وغريب، تنقلب فجأة حياته العاطفية رأسا على عقب عندما تدخل إلى حياته شابة اسمها ألما Alma تتميز بالعناد الشديد والتي تصبح هوس وعشق حياته.
قبل مشاهدة الفيلم لم أكن أبدا أتوقع شخصية غريبة كهاته التي يلعبها الممثل دانيال داي لويس بما أنه آخر عمل سينمائي يريد أن يقوم به وينهي مسيرته الفنية بعده، كنتُ أتوقع أن تكون شخصية خياط بارزة ومتميزة لكنها أيضا عادية في جانبها النفسي، لأُصدم في الأخير بشخصية أقل ما يمكن القول عنها أنها نرجسية ومعتلة نفسيا تتميز بسلوك يفتقد للاحترام لخصوصيات الآخرين، حيث مثلا، إذا كنت جالسا بجانبه في مائدة الإفطار وهو يعمل على تصميم فساتينه، فقط أن تمضغ الطعام يجعله ينزعج منك بشكل كبير، أو كأن تحاول مفاجأته بهدية ما، قد يكرهك بسبب ذلك فقط لأنه لم يطلبها منك!...
Advertisements
هذه الشخصية الحساسة جدا ستسقط في حب الشابة ألما والتي شخصيتها مناقدة تماما له، فإذا أرادت مثلا شيئا ما يجب أن تحصل عليه، ولا يُهمها إن كنت لا ترغب في الحديث على مائدة الإفطار أو لا تُحِب الخروج للاحتفال بليلة رأس السنة... إن أرادت ذلك يجب أن تحصل عليه. هنا سيحدث صدام بين الشرق والغرب، لتظطر هذه الشابة "ألما" للقيام بأمور شريرة من أجل قلب بوصلته نحوها والاهتمام بها أكثر.
هناك اختيارات في سيناريو الفيلم تبقى محل نقاش بين الكثيرين ممن شاهدوا الفيلم خصوصا عند نهايته، حيث أن هناك تحول في قصة الفيلم يجعلك تتسائل هل فعلا السيد رينولدز وودكوك لا يكترث لذلك الأمر؟ لا أظن أن العديد من المشاهدين سيتفقون حول هذه النقطة وهناك من سيكره الفيلم بسببها لأنها جعلت من القصة أكثر غرابة.
قصة الفيلم والأحداث! أظن أن هذه القصة تعتبر جد فريدة لكنها غريبة كما قلت، وهناك قلة فقط من سيستطيعون تحملها من البداية إلى النهاية دون السقوط في الملل، حيث أنها تُصبح مملة بعض الشيء في رأيي الشخصي، لدرجة أني لم أُنهي الفيلم بشكل مستمر بل شاهدت نصفه في ليلة والنصف الآخر أجّلته للّيلة الموالية. إن كنت ممن يُحبون الأفلام التي تتميز بالأحداث السريعة والتي تقذفك مباشرة نحو موضوعه وتجعلك مركزا معه، ستجد هذا الفيلم غير مثيرٍ للاهتمام، حتى أن هناك من سيعتبره سيء جدا من جميع جوانبه، بما في ذلك أداء الشخصيات!
أداء الشخصيات؛ أظن أن هذا الدور الذي قدمه "دانيال داي لويس" يُعتبر جيد لكنه الأسوء من بين الأدوار التي قدمها خلال مسيرته، وأُصحح كلمة "الأسوء" التي أعني بها الأقل تميزا وجاذبية في سجله السينمائي وليس بمعناها الحرفي. وبالتالي إذا أردنا أن نرتب أداء الشخصيات الثلاث سأضعهم على الشكل التالي من الأفضل نحو الأسوء: ألما (من أداء الممثلة فيكي كريبس) كانت شخصيتها الأفضل، تليها شخصية سيرل (من أداء الممثلة ليزلي مانفيل) والتي كانت رائعة، ثم شخصية رينولدز وودكوك (من أداء دانيال داي لويس) والذي كان جيد لكن لا شيء تذكاري حوله يبقى خالدا على مر السنين، ربما شهر من الآن لن تتذكر الفيلم بأكمله. كما أنه لا أظن يستحق ترشيحه لجوائز الأوسكار هذه السنة، حتى أن إحدى منتِجات الفيلم اعترفت خلال مقابلة مع نادي The Onion بسوء أداء الممثل دانيال داي لويس لهذا الدورفي بعض المشاهد (شاهد المقطع أسفله) :
Advertisements
الفيلم بصفة عامة لا يستحق أن يكون ضمن المنافسين على أفضل فيلم في حفل الأوسكار، يستحق أن يكون ضمن أفضل إخراج، لأن المخرج بول توماس أندرسون كانت له جرأة كبيرة في تقديم عمل فريد بهذا الشكل وإخراج قصة جد غريبة، كما أنه استطاع أن يستخرج أداء الممثلين للشخصيات في بعض الأحيان، فقط من خلال تعابير وجههم، حيث إنه ليس من الضروري أن ينطقوا لكي تفهم ما الذي يحدث أو سيحدث، فقط تعابير وإيحاءات الوجه كان لها الدور الكبير في تمرير الرسالة للمشاهد، والتي كانت جد دقيقة وفي محلها.
فيلم ممتع واكثر من رائع