t
Mona Fathi

مراجعة مسلسل See.. في مستقبل معتم تصبح الرؤية جريمة عقابها الموت

مراجعة-مسلسل-See..-في-مستقبل-معتم-تصبح-الرؤية-جريمة-عقابها-الموت
© 2019 Apple TV. All Rights Reserved.

 قبل أن نطوي صفحة عام 2019 الذي شهد سقوط عدد لابأس به من المسلسلات التي تربعت على عرش الدراما الأجنبية لسنوات طويلة، أشهرها على الإطلاق مسلسل صراع العروش الذي خيبت نهايته آمال مشاهديه تماماً، جاءت منصة Apple TV لتعلن عن المسلسل الجديد See المقرر بدء عرض حلقاته الثلاثة الأولى في الأول من نوفمبر 2019.

جاء إعلان المسلسل ليُبشر بالكثير هذا بالإضافة إلى تصنيف يجمع ما بين الأكشن والدراما والخيال العلمي وطاقم تمثيلي يتصدره "جايسون موموا" وميزانية انتاج ضخمة وصلت إلى 15 مليون دولار للحلقة الواحدة، كل تلك الأمور جعلت من خطوة Apple TV الأولى في عالم الإنتاج تبدو أكثر ثباتاً واتزاناً، مما رفع من سقف توقعاتنا عالياً ليصبح مسلسل Apple TV الجديد هو أكثر المسلسلات إنتظاراً على الساحة الفنية.

والآن بعد أن شاهدنا الحلقات الإفتتاحية أصبح السؤال هو: هل جاء مسلسل See على قدر التوقعات أم سيصبح مجرد رقم جديد في قائمة مسلسلات عام 2019 المخيبة لآمال المشاهدين؟ حسناً.. دعونا نراجع الحلقات الأولى ونتناولها بصورة أكثر تفصيلاً لنعرف إجابة السؤال.

Advertisements


عالم لا يرى النور

عالم-لا-يرى-النور-مسلسل-See
© 2019 Apple TV. All Rights Reserved.

يقدم لنا مسلسل See تصوّر مفزع لمستقبل البشرية بعد أن تسبب فيروس ما في القرن الحادي والعشرين في القضاء على أغلب البشر، بينما فقدت الفئة القليلة الناجية التي لا تتجاوز المليوني شخص بصرها تماماً، واستمر فقدان البصر لقرون طويلة، مما جعل من الإبصار نعمة منسية تحولت مع مرور الوقت إلى خرافة كل ذلك قبل أن يصبح الإبصار هو اللعنة الشيطانية التي تسببت في دمار العالم.

تُرى ما الذي سيحدث حين يظهر شخص مُبصر في عالم يظن أن الإبصار لعنة سبق وتسببت في دماره؟ هذا ما سنعرفه عند مشاهدة مسلسل See بحكايته الملحمية التي تبشر بالكثير، حيث سنرى في مستقبل البشرية المعتم صورة للماضي البعيد الذي لم نشاهده، حيث كل شيء يبدأ من الصفر، ويسود نظام القبيلة وتعود تجارة الرقيق للحياة من جديد.

اختارت Apple TV أن تقوم بعرض أول ثلاث حلقات مرة واحدة على أن يتم عرض حلقة واحدة كل أسبوع بعد ذلك، وهي سياسة بث على الرغم من غرابتها إلا أن الحلقات الثلاثة نجحت تماماً في تقديم بداية قوية للمسلسل ووضعت المشاهدين في حالة من الترقب لمعرفة ما الذي سيحدث بعد ذلك.

Advertisements


ما بين الممتاز والجيد والمقبول تم إجتياز الإختبار بنجاح

ما-بين-الممتاز-والجيد-والمقبول-تم-إجتياز-الإختبار-بنجاح-مسلسل-See
© 2019 Apple TV. All Rights Reserved.

يمكننا أن نقول هنا أن النتيجة النهائية للعمل ككل جاءت جيدة أو مقبولة بشكل ما، ولكن في حال قررنا أن نعطي تقييم منفصل لكل عنصر من عناصر العمل سنجد أن أداء الممثلين جاء مقبولاً أو عادياً، وربما يرجع ذلك للمساحات الضيقة التي يتحرك فيها أبطال العمل والتي نرجو أن تكون أكثر إتساعاً في الحلقات القادمة، نستثني بالطبع "جايسون موموا" صاحب الأداء الأكثر تميزاً هنا الذي يلعب دور البطولة ونتوقع له أن يتألق أكثر في الحلقات القادمة.

وفي حال تطرقنا إلى الموسيقى التصويرية سنجد أنها جاءت رائعة، فقد أضافت موسيقى العبقري "بير ماكريري" لمشاهد الأكشن المزيد من الإثارة والتشويق، كما جاءت المعارك التي أظنها أفضل مَشاهد المسلسل على الإطلاق متقنة التصميم ومبهرة التنفيذ والإخراج حيث تم تصميمها بالشكل البدائي الملائم تماماً لصورة المستقبل كما أراده صنّاع المسلسل أن يكون. قد نجد هنا من يعترض على المهارة التي يحارب بها فاقدي البصر إلا أنني لم أجد أي مشكلة في تقبّل الأمر بل أبهرتني جودة تصميم واخراج المعارك بالرغم من دمويتها الشديدة التي لا تناسب ذوقي في أغلب الأحوال.  


الطبيعة الساحرة تعزف لحنها الخاص

الطبيعة-الساحرة-تعزف-لحنها-الخاص-مسلسل-See
© 2019 Apple TV. All Rights Reserved.

تألقت الطبيعة وأجوائها الساحرة هنا لتعطي لحكايتنا أفضل صورة ممكنة على الإطلاق، حيث سنرى شلالات المياه الغاضبة تقابلها الينابيع الصافية الهادئة، والجبال الشاهقة تكسوها الخضرة، بينما تتلألأ أشعة الشمس الذهبية فوق الغابات الشاسعة، صورة بديعة لطبيعة لم يتمكن الإنسان من تشويهها، بينما يظهر على الجانب الآخر ما تبقى من حضارة زائلة يكسوها الغبار ولا يعيرها أحد أي اهتمام إلى الآن، إلا أننا نتوقع أن يتم استغلالها وتوظيفها في الحلقات القادمة.

Advertisements


ما سقط سهواً وما سقط عمداً

ما-سقط-سهواً-وما-سقط-عمداً-مسلسل-See
© 2019 Apple TV. All Rights Reserved.

على الرغم من فكرة المسلسل الجيدة والتنفيذ المتقن والإخراج الرائع الذي سبق وتحدثنا عنه إلا أن مسلسل See خرج للنور محملاً بأخطاء لا يستهان بها، أغلبها أظنه سهواً وأتمنى أن يتم معالجته في الحلقات القادمة أو حتى المواسم القادمة.

من أبرز تلك الأخطاء هو تصميم الملابس والمنازل الذي جاء متقناً بالدرجة التي لا يمكننا معها تصديق أن صانعها فاقد البصر، فقد تم الإهتمام بتفاصيل لا يمكن لفاقد البصر أن يدركها، كالتاج الذي تضعه الملكة مثلاً أو الثوب المميز الذي ترتديه، بالإضافة إلى أنه تم تخصيص اللون الأسود لملابس الأشرار هنا.

أما الخطأ الثاني الذي أزعجني ولا أدري كيف غفل عنه صنّاع العمل هو عدم وجود أي تغيير يذكر على شكل الأبطال بل وشخصياتهم أيضاً بالرغم من مرور سبعة عشر عاماً منذ بداية الأحداث وكأن عامل الزمن لا وجود له على الإطلاق هنا!

أما السقطة الأخيرة التي جاءت عمداً بكل تأكيد هي الطريقة الفجة التي تناجي بها الملكة "كين" التي تقوم بدورها "سيلفيا هوكس" الآلهة، ما الداعي لتلك الصورة المنفرة لأحد أكثر الأمور روحانية وقداسة، خطأ لا يمكنني تجاوزه بأي شكل من الأشكال، وأجده يضرب المسلسل كله في مقتل دون أي سبب واضح، هل أصبحت تلك المشاهد الفجة المنفرة هي ما تجذب المشاهد الآن، أنا كمشاهدة أرفضها تماماً ليس فقط من الناحية الأخلاقية أو الدينية ولكن لأنها أيضاً جاءت في سياق صادم بصورة مقحمة بلا أي معنى وغير مفهومة أو مبررة!

Advertisements


هل كانت Apple TV تغازل سياسات التصحيح في مسلسلها الجديد؟!


هل-كانت-Apple-TV-تغازل-سياسات-التصحيح-في-مسلسلها-الجديد-مسلسل-See
© 2019 Apple TV. All Rights Reserved.

كما سبق وذكرنا من قبل في مناقشة عدد كبير من الأعمال الفنية حديثة الإنتاج أن سياسات التصحيح عادةً ما يكون لها تأثيراً كبيراً في الصورة النهائية التي سيكون عليها العمل الفني، فأصبح من الشائع أن يحظى أصحاب البشرة الملونة بأدوار البطولة بسبب لون بشرتهم قبل أي شيء آخر، كما اعتدنا أن تظهر المرأة بالصورة التي تُرضي الثورة النسوية التي يملأ صداها مختلف الأجواء الآن، وهو الأمر الذي أفهمه وأؤيده في حال كان العمل يحتاج لذلك بالفعل، وأرفضه بشدة في حال جاء مقحماً بلا أي ضرورة أو داعي.

وقد أصبح الإتجاه السائد هنا هو أن تحصد الأعمال المنتجة وفقًا لمعايير سياسات التصحيح السابق ذكرها العديد من الجوائز في مختلف المهرجانات، إلا أن الجوائز المتعددة لا تشفع لتلك الأعمال الفنية عند المُشاهد العادي الذي لا يهمه هنا إلا أن يشاهد عمل فني جيد بغض النظر عن لون بشرة أبطاله أو شكل ومساحة أدوارهم.

لذا نحن هنا الآن لنرى كيف أثرت سياسات التصحيح على مسلسلنا اليوم، من النظرة الأولى يمكنك أن تقول أن سياسات التصحيح ليس لها أي وجود يذكر في مسلسل See، حيث يغرد الذكر الأبيض "جايسون موموا / بابا فوس" منفرداً بالدور الرئيسي في مختلف ساحات القتال هنا.

إلا أنه بنظرة أكثر تعمّقاً سنلاحظ أن فكرة المسلسل نفسها تقوم على أن المبصر الوحيد لدينا هنا هو الأسمر "جوشوا هنري /جيرلاماريل" الذي يحاربه الجميع ويسعى للقضاء عليه هو ونسله، إلا أنهم على ما يبدو هم من سيُخرجون العالم من ظلام الجهل ويقودونه نحو التطور والنور.

أما عن التوأم نسل "جيرلاماريل" الفتاة "هانيوا" والفتى "كوفون" فسنجد أن الفتاة كانت هي الأكثر جرأة وشغفاً وتعطشاً لكل ما هو جديد هنا.

Advertisements


نجم "كريستيان كامارغو" يسطع في سماء مسلسل See

نجم-كريستيان-كامارغو-يسطع-في-سماء-مسلسل-See
© 2019 Apple TV. All Rights Reserved.

أما عن الأداء التمثيلي للأبطال فكما سبق وأشدنا بأداء "جايسون موموا" الرائع في دور  "بابا فوس" نحن الآن هنا لنُشيد بأداء "كريستيان كامارغو" في دور " تاماكتي جون" بذلك الأداء الرائع الذي جعل من "كريستيان كامارغو"  منافساً لـ "جايسون موموا" لايُستهان به، فمعه  ترنحت مشاعر المشاهدين ما بين كراهية و محبة وتعاطف. أخيراً وبشكل عام نستطيع أن نقول أن الأداء التمثيلي لباقي طاقم التمثيل قد كان جيداً أومقبولاً بإستثناء "جوشوا هنري" وأبناؤه في أدوار "جيرلاماريل" و "هانيوا" و"كوفون" الذي جاء أقل مما يجب أن يكون مع أدوار مهمة ومُفرد لها مساحات كبيرة نوعاً.

يمكننا أن نقول أن المسلسل قد نجح تماماً في جذب المشاهد وقدم له  في معظم حلقاته أحداث مشوقة أبقته في حالة من الإنتظار للحلقات التالية، وهو الأمر الذي يحسب بالطبع لصالح المسلسل وصنّاعه حيث عادةً ما كنّا نترك أبطالنا في نهاية الحلقة عند مفترق طرق يزداد معها حماسنا وترقبنا لما هو قادم.


في نهاية الأمر، قدم لنا مسلسل See قصة جديدة ومختلفة تم تنفيذها بشكل جيد كان من الممكن أن يكون أفضل إلا أنه مقبول ويستحق المشاهدة، خاصة مشاهد الأكشن التي تم تصميمها وتنفيذها بمهارة وحرفية عالية، هذا بالإضافة إلى نجاح القائمين على العمل في خلق مساحات لابأس بها لعدد من المشاهد الحوارية الجيدة، بالطبع هناك بعض السلبيات التي سبق وأشرنا إلى بعضها في البداية، نضيف لها الآن أن المسلسل كان به قدر من التطويل قد يكون سبب لِلمُشاهد في بعض الملل هنا، إلا أننا بالرغم من ذلك لم نفقد شغفنا ولازلنا في انتظار الموسم الجديد الذي نتمنى أن يكون أفضل ويتم من خلاله معالجة أخطاء الموسم الأول سابقة الذكر.

خلاصة القول، هو أن منصة Apple TV استطاعت من خلال عالم لا يرى النور أن تدخل عالم الإنتاج الفني بقوة وتجد لنفسها مكاناً مميزاً يمكنها من خلاله أن تنافس منصة نتفليكس الأشهر والأكثر شعبية ومشاهدة في السنوات الأخيرة السابقة.
أضف تعليق... send
comment url

أفلام ومسلسلات ذات صلة