مراجعة مسلسل طلعت روحي.. الكوميديا الأجنبية بعيون مصرية
Drop Dead © CBC |
لذا نحن هنا اليوم لتناول المسلسل العربي الفانتازي "طلعت روحي" الذي عرض على الشاشات للمرة الأولى في بداية عام 2018 بالمناقشة والتحليل. إذ لم يقدم لنا المسلسل تقنية جديدة أو مبهرة، تحتاج لمعدات وأدوات باهظة التكلفة، معقدة الصناعة لتنفيذ أفكار خيالية، ولكنه استخدم الفانتازيا لتحقيق فكرة وتصوّر ما لا يمكن حدوثه أو تصديقه في عالم الواقع.
الأمر بسيط جدًا بلا أي تعقيد، مجرد حادث تصادم ترتب عليه فناء جسد ووفاة روح. لكن لحظة واحدة... علينا هنا أن ننتبه، فالروح المتوفاة روح شخص بينما الجسد الفاني جسد شخص آخر مختلف! تفيق "داليدا" من غيبوبة تعرضت لها بسبب تصادم سيارتها مع سيارة أخرى، لتجد روحها انتقلت إلى جسد "عاليا" التي راحت روحها ضحية تلك الحادثة، وبقي جسدها سليمًا.
ملحمة كوميدية إنسانية
يقدم لنا العمل هنا كوميديا راقية نابعة من الموقف لا تعتمد على السخرية أو الإهانة لأي فئة من فئات المجتمع، وتبتعد تمامًا عن الابتذال والإفيهات المكررة التي أصبحت مقحمة بصورة شبه دائمة بلا أي معنى في الأعمال الكوميدية. نتعرف من خلال أحداث المسلسل كيف تحولت داليدا التي حلُمت بالعمل كموديل إعلانات وامتلكت كل المقومات لتحقيق حلمها، إلى عاليا الفتاة ممتلئة القوام التي بالرغم من إجادتها لعملها كمحامية إلا أنها لا تملك الجرأة أو الثقة الكافية بنفسها.ما بين الجسد والروح، من ينتصر؟
في أغلب الأحوال، نجد أن الروح تكون متسقة تمامًا مع الجسد، كونهما ينتميان لشخص واحد، لذا فالروح تتحمل راضيةً مميزات جسدها وعيوبه والعكس صحيح أيضًا، فكثيرًا جدًا ما يتحمل الجسد بكل رضا ما تفعله الروح به. ولكن في حالتنا هنا هل ستتمكّن روح داليدا من الاتساق مع جسد عاليا الغريب عنها؟ هل يتقبل جسد عاليا روح داليدا الجريئة والمختلفة تمامًا عنه؟أسئلة سنعرف إجابتها مع تطور أحداث المسلسل، التي ستوضح لنا الكيفية التي سيتم بها التوحد ما بين الجسد والروح، كما سنتعرّف أيضًا على الأثر الفعّال للظروف والأجواء المحيطة على ذلك الاتساق.
النجاة من فخ المثالية
لعلك تتساءل الآن، هل تُعد المثالية فخ نحتاج للنجاة منه؟! بالطبع، فنجاح أي عمل فني يعتمد بالدرجة الأولى على تشابه شخصياته مع شخصيات الواقع المحيط، حيث لا مكان هنا لمثالية مطلقة أو شر غير مبرر، فالإنسان الطبيعي يتأرجح حائرًا ما بين هذا وتلك، فهناك من يميل بأرجوحته نحو الصواب وهناك من يتخذ مسار مختلف، ولكننا مهما فعلنا فلن نتحول لملائكة وشياطين، بل سنظل بشر نتكامل بالعيوب والمميزات، وهذا بالضبط ما قدمه لنا فريق عمل "طلعت روحي"؛ شخصيات قريبة من الواقع، نماذج مختلفة ومتنوعة من الشخصيات المشابهة لما نراه حولنا في كل مكان أو ما نراه بأنفسنا.البعد عن النمطية والتراكيب المتوقعة
قدم لنا العمل عدد من الشخصيات بصورة مختلفة عما اعتدنا أن نجده دائمًا في الأعمال الدرامية، فسنجد هنا أننا ابتعدنا عن كل ما هو متوقع أو كليشهي، بالرغم من توافر كامل المقومات التي تسمح بذلك، ولكن القائمين على المسلسل هنا قرروا الابتعاد عن النمطية والتراكيب المحفوظة. ولنفهم أكثر، دعنا نلقي نظرة أكثر قربًا على بعض تلك الشخصيات على سبيل المثال وليس الحصر."سيرين"
Drop Dead © CBC |
"تيسير"
Drop Dead © CBC |
ذكاء استغلال النجاح
Drop Dead © CBC |
تمصير النص الأجنبي
Drop Dead © CBC |
تفاصيل النهاية ساذجة وغير مبررة
بالرغم من مرور ثلاثة وأربعون حلقة تحمل قدر كبير من الإنسانية والكوميديا الراقية البعيدة عن الابتذال، إلا أن النهاية جاءت مخالفة لذلك، فظهور "عمرو وهبة" كضابط شرطة كان أضعف نقاط العمل، إفيهات مكررة ومبتذلة وغير مضحكة، قام بتكرارها طوال الوقت، ولا أدري الداعي أو السبب لذلك، فالعمل كوميدي وما يحدث مضحك بالفعل، لمَ إذن ذلك الظهور غير المنطقي لشخصية ضابط الشرطة بهذا الشكل الذي أفقد العمل الكثير من مصداقيته لدى المشاهد!يؤخذ على النص أيضًا التجاهل الكبير لحياة داليدا بشكلها الأول ووالديها قبل وبعد الحادث، فقد كان من الممكن استخدام الفلاش باك بشكل أكثر مما تم بالفعل ليتمكّن المُشاهد من الربط والمقارنة بين داليدا القديمة والجديدة بشكل أكثر وضوحًا.
في النهاية أود أن أقول أن المسلسل يعد من الأعمال الكوميدية الاجتماعية الجيدة جداً من حيث القصة والتنفيذ ويستحق وقتك بكل تأكيد.
المسلسل بطولة إنجي وجدان، نيكولا معوض، تأليف وائل حمدي وشريف بدر الدين، كما شارك في كتابة الحلقات ضحى إبراهيم، محمد هشام عبيه، نهال سماحة، محمد فوزي عبد الرحيم، أماني أبو العنين وإنجي قاسم، ومن إخراج رامي رزق الله.