t
عماد بدوزة

مراجعة فيلم The Shape of Water.. قصة سريالية شاعرية حول الحب

Image: The Shape of Water - Courtesy of Fox Search Light
ما هي السريالية؟ حسب المعجم اللغوي، هي عبارة عن مذهب حديث في الأدب والفن والرسم يعتمد العفوية التلقائية المطلقة متخلصا من قيود المنطق والواقعية، إذ يذهب رواده إلى ما هو أبعد، بعيدا عن كل رقابة، يطلقون العنان لتصوراتهم وخيالاتهم، وخير من عبر عن هذا المذهب هو "أندريه بروتون" في الأدب و"سلفادور دالي" في فن الرسم، خصوصا في لوحته الشهيرة The Persistence of Memory أو ما يمسى بـ "إصرار الذاكرة" أو لوحة الزمن.


Advertisements


The Persistence of Memory - Salvador Dalí

أما فيلمنا The Shape of Water هذا فيأخذ بالسريالية إلى أبعد نقطة خارجة عن المنطق، إلى الخيال الذي ليس بعده أي خيال... المخرج "غيليرمو ديل تورو Guillermo del Toro" يمكن اعتباره من أكثر المخرجين شساعة في القدرة على الخيال في زمن السينما الحديثة. فكل من هو مُطّلع على السجل السينمائي للمكسيكي ديل تورو يعلم جيدا أنه آلة لا تستخرج سوى الخيال الخارج عن الواقع والمنطق، وفي فيلم The Shape of Water وصل بالخيال لحدود اللارجعة.

تدور أحداث الفيلم حول "إلَيزا"؛ امرأة بكماء متوحدة تعمل كمنظفة في مختبر سري حكومي في مدينة بالتيمور خلال سنة 1962، حيث ستتغير حياتها للأبد عندما تكتشف سر خفي في هذا المختبر؛ مخلوق برمائي غامض من أمريكا الجنوبية يعيش في خزان مياه. بينما تنشئ إلَيزا علاقة مع صديقها الجديد هذا، تستوعب أن مصيره وبقائه على قيد الحياة يعتمد على مساعدة من طرف عميل سري معادي للحكومة وهو أيضا عالِم للأحياء البحرية.

Advertisements

سنعود للمخرج "غيليرمو ديل تورو" ونتكلم عن ما قدمه في هذا الفيلم خصوصا بعد فوزه يوم أمس في حفل الغولدن غلوب بجائزة أفضل مخرج وسط زوبعة من المخرجين المحنكين ككريستوفر نولان، مارتن ماكدونا، ريدلي سكوت وستيفن سبيلبرغ، حيث انتزع جائزة الأفضل من أمام أفواههم، لكن، عن جدارة! 

"ديل تورو" كان ذكيا جدا في تفاصيل الفيلم وحيثياته وسنذكر بعض من تلك الأمور، مثل قدرته على إعادة إحياء فترة الستينيات من القرن الماضي التي تدور فيها القصة؛ من خلال الديكورات، الملابس، السيارات، الإضاء، قاعة السينما! ... والعديد من الأشياء التي نقلت فعلا تلك الحقبة بتفاصيلها الأصيلة. ثم ثاني شيء أعجبني جدا في الفيلم هي الطريقة التي تتكلم بها الشخصية الرئيسية معنا، فكما تعلمون هي بكماء؛ لا تتكلم ولكن تسمع، وليس أغلب الناس من مقدورهم فهم لغة الإشارة الخاصة بالأشخاص أصحاب هذا النوع من الإعاقة، وبالتالي نفهم الكلام من خلال الشخصية الأخرى التي معها في المنزل والتي لا تشرح لنا، وإنما طبيعة شخصيتها أنها تتكلم كثيرا ويجب أن تسمع الكلام وليس فهمه، ومن ثَم تُعيد ما تشير له الشخصية الرئيسية كلاما.

ودعنا لا ننسى تعبيره المجازي لحبه للسينما من خلال دمجها في قصة الفيلم التي لا علاقة لها بالسينما، حيث تعيش بطلة القصة في شقة موجودة فوق قاعة سينما! إضافة "غيليرمو ديل تورو" لهذا الجانب في الفيلم يعني العديد من الأشياء، أهمها عشقه للسينما مهما اختلفت الأزمنة وتطورت الحياة.

دعنا الآن من المخرج ولنقفز لجانب الممثلين وكيف استطاعت البطلة الرئيسية أن تقوم بذلك الأداء المبهر. أتصدق أني عندما انتهيت من مشاهدة الفيلم ذهبت أبحث عن الممثلة "سالي هوكينز" وهل فعلا هي بكماء؟! ليس أني غبي حتى لا أعلم أن ذلك تمثيل، بل لأنها قدمت أداء امرأة بكماء لدرجة إن لم تكن تعلم الكثير عن هذه الممثلة قد تعتقد فعلا أنها بكماء، أداء ليس فقط رائع ولكن مذهل! وغالبا ذلك الدور أخذ منها مدة طويلة من التدريب على لغة الإشارة.


Advertisements

آخر شيء يجب أن نتكلم عنه وهو القصة والفيلم بصفة عامة ولماذا قد يُعتبر رائع وفي نفس الوقت سيء. أهم شيء وهو أن الفيلم في أول مشاهدة سيعجبك وربما قد تعتبره من أفضل أفلام سنة 2017 وربما لا، لأنه من نوع الأفلام الذي لن تستطيع مشاهدته أكثر من مرة، بمجرد أن ينتهي قد تقول عنه فيلم جيد، رائع، مذهل... لكن لا أظنك ستقدر على مشاهدته مرة أخرى.

ثاني شيء وهو أن الفيلم بالنسبة للبعض سيكون مُقزز (البعض وليس الجميع) بسبب العديد من الأمور مثل ذلك المخلوق الشبه بشري وعلاقته بالشخصية الرئيسية. أيضا هناك شيء آخر (لا أريد حرقه) يتعلق بالشخصية العدُوّة أو ما يسمى بالشخصية الشريرة، بالإضافة إلى العديد من الحيثيات التي ستجعلك تصف الفيلم بالمقزز أو المثير للاشمئزاز. 

على أي حال، يبقى الفيلم عمل سينمائي شاعري غير معتاد بموسيقاه الرائعة؛ والتي حازت على جائزة أفضل موسيقى تصويرية في حفل الغولدن غلوب، وطريقة تصويره السَلِسة التي أعطت طابع رومانسي يتماشى مع الأحداث.

تقييمنا للفيلم: 7,5/10

3
أضف تعليق... send
comment url
  • Aamer Saleh
    Aamer Saleh 8 فبراير 2018 في 12:07:00 ص غرينتش

    شكراً على هذه المراجعة الرائعة أعطت الفيلم حقه

  • غير معرف
    غير معرف 2 مارس 2018 في 5:42:00 م غرينتش

    احب اضيف ايضا تناسق الالوان شيء غير عادي انا جلست ساعتين أمام لوحة فنية !

  • Unknown
    Unknown 26 مايو 2018 في 1:34:00 م غرينتش

    الفيلم رائع حقا و اجدك استاذ عماد قد استوفيت في التحليل شكرا لك

أفلام ومسلسلات ذات صلة