مراجعة مسلسل The Terror.. في أبعد مكان من العالم تُمتحن قوة وشهامة الرجال
من بين المسلسلات المُنتظرة هذه السنة، استطعنا أن نخرج بواحد منها غير مخيب للآمال تجري قصته في مكان جد مُوحِش وأحداثه جد قاسية لن يقدر عليها ضعفاء القلب. مسلسل The Terror المبني على أحداث واقعية من سنة 1847 تدور قصته حول طاقم بعثة بحرية ملكية من إنجلترا مكونة من سفينتي تيرور و إريبس شرعوا للاستكشاف والبحث عن الممر الشمال الغربي الذي يربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادي عبر أرخبيل القطب الشمالي الكندي الذي لم يصله إليه أي بشري من قبل أنذاك، والذي يُحكى عنه قصص غريبة جدا، لكن في سياق الدراما التلفزية، تمت إضافة عنصر غامض في القصة جعل طاقم هذه البعثة يندمون على اليوم الذي فكروا فيه الاتجاه شمالا.
في خضم مشاهدة هذا المسلسل سيُثير انتباهك شيء كان من الضروري أن نُشير إليه؛ الواقعية الشديدة لأجوائه وأحداثه التي يحملك إليها ويغوص بك في داخلها. هذا ليس بمسلسل بديكورات زهيدة تجعلك تستوعب بسرعة أنها مُزيفة في إطار التمثيل الدراماتيكي، بل يحملك إلى داخل أحداثه وكأنك واحد من الشخصيات التي تمر بأجواء مناخية لا ترحم على الإطلاق، وهذا شيء لا غبار عليه عندما يكون فريق إنتاج المسلسل يتكون من المُحنك ريدلي سكوت، الذي وصل بقسم تصميم الإنتاج والديكورات للقيام بمجهودات عظيمة في زيادة واقعية أمكان التصوير بشكل كبير، نتكلم بالخصوص عن مشاهد الجليد والسفينتين، أما بالنسبة لبقية المشاهد التي تجري في أماكن قاحلة وباردة، فتم تصويرها في أماكن حقيقية بـ بودابست هنغاريا الباردة.
هذا من الجانب الخارجي للمسلسل، أما من جانب القصة، فتعتبر هذه الفكرة جد مثيرة للفضول والاهتمام حيث تملأك برغبة التعرف على القصة الواقعية والغريبة لأولئك المستكشفين، رغم أنه تمت إضافة عنصر خارق للطبيعة في الأحداث من أجل المساعدة على تشكيل الحبكة الدرامية.
لكن من جانبِ سلبي للأسف، أصبحت القصة بعد منتصف الموسم مملة نوعا ما من ناحية إثارة اهتمام المشاهد، وأصبح ذلك العنصر الخارق للطبيعة الذي تم إضافته والذي غيّر مجريات الأحداث ليس هو جوهر القصة، حتى أن الهدف الأول من رحلة الاستكشاف هاته لم يعد هو الأهم، بل تم التركيز على عبرة مهمة جدا؛ أنَّ الشخص الذي كان صديقك قد يُصبح عدوك بمجرد تغير قواعد الحياة، لا ذاك الشيء الخارق للطبيعة ولا العوامل القاسية للطبيعة ولا الغاية من هذه الرحلة الذي كان هو الاستكشاف أصبحوا يُشكلون خطرا أمامهم ولا هدفا يجب الوصول إليه، بل الشيء الذي أصبح مهم بالنسبة لهم هو الخطر الذي بينهم، فيما بينهم، هم بأنفسهم مع بعض.
المسلسل مبني على رواية بنفس الاسم للكاتب "دان سيمونز" واعتُبرت من أكثر الروايات مبيعا سنة 2007، وقد بدأ عرضه يوم 26 مارس/آذار هذه السنة، وهو مكون من 10 حلقات فقط، مدة كل واحدة حوالي الساعة تقريبا، وليست بالمتباطئة التي قد تجعلك تسقط في الملل، خصوصا إذا كنت من الذين سئموا من رتابة بعض الأعمال التلفزية التي أصبحت تصدر مؤخرا والتي لا تأتي بالشيء الجديد. إلا أنه يجب أن تعلم أن المسلسل بصفة عامة صعب مشاهدته، لاحتوائه على مشاهد قد لا تناسب جميع الأعمار وجميع الأذواق الفنية، مشاهد جد قاسية أضْفَت طابعا من الغموض، الرعب والواقعية على القصة، خصوصا في الحلقات الأخيرة.
قلنا أن القصة والأجواء كانتا جد مُحاكية للواقع، لكن أداء الممثلين كان الأفضل على الإطلاق. جميع الشخصيات قدمت أداء يجعلك تستغرب هل فعلا هذه الشخصيات عاشت هذه التجربة أم هو فقط تمثيل درامي! لكن عندما نتكلم عن طاقم تمثيل بقيادة ممثلين أغنياء عن التعريف، كالإنجليزيين جاريد هاريس و كيران هايندز (مانس رايدر من مسلسل صراع العروش)، فلا تنتظر إلا الإبداع. إذا، هل يمكننا القول أن مسلسل The Terror يُعتبر من أفضل الأعمال التلفزية لهذه السنة؟ بطبيعة الحال سيكون حاضر ضمن العشرة الأفضل عند نهاية السنة.
أنظر أيضاً: أفضل 10 مسلسلات في التاريخ.. أفضل ما قُدِّم في عالم الشاشة الصغيرة